السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بدايةً: أود شكركم جزيل الشكر على نصائحكم القيّمة والتي لها القدر الكبير من الفائدة.
عمري 38 عاماً، بدأتْ مشاكلي النفسية بالظهور في عام 1994، حيث كنتُ حينها في مرحلة الدراسة الثانوية، وقمتُ حينها بزيارة أحد الأطباء النفسيين، فما كان منه إلا أن شخصَ حالتي بـ "قلق اكتئابي" ومن ثمّ قام بوصف مُهدّئ نفسي وهو "البرازين"، وعلاج للاكتئاب لا أذكر اسمه، تناولُ البرازين باستمرار سبب لي الإدمان ولفترة طويلة جداً، حتى عرضتُ نفسي على طبيب آخر قبل سنتين، وقد ساعدني على التخلص من إدمانه.
المثيرُ في الموضوع أن الطبيب الآخر أخبرني أنني لا أشكو من شيء، وأن عليّ ممارسة حياتي بشكل طبيعي، ووصف لي علاج "البرلكس" عند اللزوم. وعندما تزوجتُ (قبل سنة ونصف)، شعرتُ بأن للبرلكس آثاراً سلبية من الناحية الجنسية، فقمتُ بإيقافه فوراً.
شكواي الرئيسية هي حواري الداخلي المستمر، وصراعي الداخلي طوال الوقت، فعندما أتوضأ، أحسُّ بأن وضوئي غير صحيح، وأحياناً أقوم بإعادة وضوئي، وعندما أُصلّي، أشعر أن صلاتي غير صحيحة، وأنني لم أسجد سجدتين مثلاً، أو أنني لم أُصلِّ الركعة الرابعة مثلاً، فأقوم بإعادة ما شككتُ به، أمَّا إذا صليتُ في المسجد، فإنني لا أرتاح أبدًا، ودائمًا أجد مصليًا بجانبي كي أتوهّم بأنه يراقب صلاتي، مما يجعلني أتقاعس عن صلاة الجماعة والصلاة ككل.
أما بالنسبة لما يحدث معي في غير الصلاة، فهو توهّم وجود شخص أو أشخاص يقوم أو يقومون بمراقبتي، وإن كنتُ وحدي (على الشرفة مثلاً)، فإنني ألتفت حولي وعلى مدّ بصري للتأكد من أنه لا يوجد هناك أي شخص يراقبني، وأحيانًا أقوم بالتأكد أيضًا من شبابيك البنايات المجاورة، علماً بأنني لا أكون أفعل شيئاً غير الجلوس ومحاولة الاسترخاء.
في العمل، أحاول وبحرص شديد أن أُتقن عملي، وأن أُتقن خطّي أثناء الكتابة، لأنني أظن أن من سيقرأ خطّي سيحكم عليّ، وأن من سيمرّ عليه العمل سيصدر عليّ حكماً ما، مما يجعلني بطيئاً جداً في العمل.
هذه الأمور جعلتني أحسُّ بأن هناك خللاً في شخصيتي، وبأنني أشكو من ضعف الثقة بالنفس، الأمر الذي دفعني لقراءة العديد من الكتب التي تتناول تعزيز الثقة بالنفس وبناء الشخصية.
بالنسبة للأمراض: فإنني أخاف من كل مرض أسمع به، فإذا أصابني ألم في الحلق (علماً بأنني مدخن)، فإنني أخاف فوراً من أن أكون أُصبتُ بسرطان في الحنجرة، وإذا آلمني صدري، فإنني أخاف من أن أكون أُصبتُ بجلطة قلبية، وقد كان هذا التوهم سبباً لأن أدخل الطوارئ مرتين، وأدخل غرفة العناية المركزة للمراقبة في إحداهما.
إذا آلمني ظهري، فإنني أخاف أن أكون أُصبتُ بالديسك، وإذا آلمتني قدماي، فإنني أخاف أن أكون أُصبتُ بمرض السكري، وأنا داخل هذه الحلقة المفرغة باستمرار.
أما بالنسبة للخوف من الموت، فإنني قد وضعتُ لنفسي عدة تواريخ، كنتُ متأكداً في كل واحد منها أنه كان يومي الأخير، وكانت آخر حادثة أيقنتُ فيها أنني لن أرجع للبيت قبل عدة أيام، وقد أوشكتُ أن أقوم بتوديع زوجتي، إلا أنني ضبطتُ نفسي.
هنالك أيضاً شكوى سببت لي الكثير من الخوف والفزع، من أن أكون قد خرجتُ عن ملّة الإسلام، وأصبحتُ كافراً، ألا وهي وسواس سبّ الذات الإلهية (أستغفر الله العظيم وأتوب إليه) لولا أنني قرأتُ أنها من الوساوس، ولا تسبب خروجاً عن الملّة.
هنالك أمر طالما عددتُه جزءاً من شخصيتي، ألا وهو الخوف من الآلات الحادة، كالسكاكين والمشارط، فعندما أرى زوجتي تحمل سكينًا، فإنني أبتعد عنها، أو أطلب منها أن تضع السكين جانبًا، ويحصل معي الأمر ذاته في العمل، حيث إنني أقوم بغلق المشرط إذا رأيته، أو أطلب ممّن يعمل بالمشرط أن يغلقه، أو يضعه جانباً حين أكون متواجدًا، فهل هذا وسواس أو حرص طبيعي؟
وعندما أمرّ بموقف معين، كأن يقول لي شخص ما شيئاً لا يعجبني، أو أرى شيئاً مزعجاً، فإنني أظلُّ أُعيد المشهد بذهني مرات عديدة، وأظلُّ أرى الشيء المزعج أو الموقف مرات كثيرة، ولساعات عديدة وطويلة، مما يسبب لي الإرهاق الذهني.
لاحظتُ مؤخراً أنني قد أصبحتُ عصبياً للغاية، وأن أتفه الأسباب قد تجعلني متضايقاً جداً أو غاضباً جداً، علمًا بأنني أعلم وقتها أن السبب الذي جعلني غاضباً أو مُتكَدّرًا أو حزينًا، هو سبب تافه، لكن المزاج السيء الذي يصحبني قد يسيطر عليّ ليوم بأكمله، مما أصبح يؤثر على حياتي الاجتماعية والزوجية، ولاحظتُ أيضاً أنني مُصاب بنسيان شديد، فهنالك العديد من المواقف والأحداث التي لا أتذكرها مطلقاً.
أطلب من حضرتكم مساعدتي، لأنني أحسُّ بأنني عالق في دوامة أفكاري التي لا تنتهي، وأريد أن أحسَّ بالراحة والطمأنينة، وهل يوجد دواء لا يسبب الإدمان ولا يقوم بزيادة الوزن؟.
جزاكم الله كل خير وجعلها في ميزان حسناتكم، أعتذر وبشدة على الإطالة، وشكراً لكم.