الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقتي القريبة قاطعتني وهي المخطئة، كيف أتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لديّ صديقة تربطني بها صلة قرابة، وكنا معًا منذ المرحلة المدرسية وحتى الجامعة، في نفس التخصص، مع اختلاف مكان الدراسة، ثم اجتمعنا مرة أخرى في مكان العمل، مع مرور الوقت، بدأت صديقتي تواجه مشكلات مع إدارة العمل، وكنت دائمًا أساندها وأدعمها، حتى أصبحت ضمن دائرتها في هذه الخلافات، ونتيجة لذلك، طلبنا معًا النقل إلى مكان آخر، فانتقلنا بالفعل، وأصبحت كل واحدة منا في قسم مختلف.

بعد سنتين، طلبت مني أن أساعدها في الانتقال إلى قسمي، فرحّبت بذلك وسعيت لنقلها، رغم تحذير زوجي لي من هذه الخطوة، ونُقلت بالفعل، لكن بعد انتقالها، بدأت أشعر أنها تقلّل من شأني، ولا تعير كلامي اهتمامًا، حتى بدأتُ أفقد الثقة في قدرتي على إدارة القسم، على الرغم من إظهارها أن الرئاسة لا تهمّها.

في تعاملها مع الآخرين، كانت تتخذ مواقف حادّة، فترفض الأعذار، وتقطع علاقاتها تمامًا مع من يخطئ في حقها، وكان كل من يشتكي من أسلوبها يأتي إليّ، فأقف معها وأبرّر تصرفاتها، وأحاول توضيح الموقف، رغم أنني كنت أنصحها بيني وبينها بالتراجع عن بعض آرائها، لكنها كانت دائمًا تُبرّر بشدة، مما يجعلني أصمت.

لاحقًا، بدأت مشاكلها مع رئيس القسم، وكانت تُقدّم فيه شكاوى لمدير المنشأة، وكالعادة أرادتني أن أشاركها موقفها، لكن رأيي هذه المرة كان مخالفًا، لأنني لم أعد أرغب بالدخول في مشاكل جديدة، وأعلم أنها هي المخطئة، حاولتُ أن أُقنعها بالتنازل عن موقفها بمساعدة بعض الزملاء، لكنها رفضت، فهي ترى أن من ليس معها فهو ضدها، ثم قررت أن تقطع علاقتها بي، لكنها في المقابل تُظهر أمام الآخرين أن الأمور على ما يُرام، بينما قطعت تواصلها الحقيقي معي، وإن تواصلتُ معها، أجد أسلوبها قد تغيّر تمامًا عما كان في السابق.

في السابق، كنت ألتمس لها الأعذار حتى في مسألة عدم زواجها، أما الآن، فقد بدأت تنشر منشورات تتحدث عن الخيانة، وعدم الوفاء في الصداقة، وكأن المشكلة بي وحدي، سؤالي: هل أصلح العلاقة معها أم الأفضل الابتعاد بهدوء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحاب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

أختنا الكريمة: نشعر بما تمرين به من مشاعر متضاربة تجاه صديقتك القريبة، ومن الواضح أن هناك تاريخًا طويلًا من العلاقة بينكما، مما يجعل الوضع الحالي أكثر تعقيدًا، وإليك بعض النقاط التي قد تساعدك في اتخاذ القرار الأنسب:

1. حاولي التحدث مع صديقتك بصراحة وصدق، واشرحي لها مشاعركِ، وكيف أن تصرفاتها الأخيرة أثرت عليكِ وعلى علاقتكما؛ فقد يكون هناك سوء تفاهم، يمكن حله من خلال الحوار المباشر.

2. قيّمي مدى تأثير هذه العلاقة على صحتك النفسية، فإذا كانت هذه العلاقة تجلب لكِ توترًا وضغطًا نفسيًا كبيرًا؛ فقد يكون من الأفضل أخذ خطوة للوراء؛ للحفاظ على صحتك النفسية.

3. تحدثي مع زوجكِ، واستمعي إلى نصائحه؛ فقد يكون لديه وجهة نظر قد غابت عنكِ، أو قد يُوفّر لكِ دعمًا نفسيًّا خلال هذه الفترة.

4. الصداقة الحقيقية تقوم على الاحترام المتبادل، والدعم في الأوقات الصعبة، فإذا كنتِ تشعرين بأن هذه القيم لم تَعُد موجودةً في علاقتكِ مع صديقتكِ، فقد يكون من الأفضل إعادة تقييم العلاقة.

5. هل يجب أن تصلحي علاقتك بها؟ يقول الله عز وجل: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}. صحيح أن السعي نحو الإصلاح خير وأفضل، ولكن إذا كان الطرف الآخر لا يَصلح لمثل هذه الصداقة فالأفضل الابتعاد عنه، أو على الأقل تظلُّ العلاقة رسمية فيما بينكما.

أمَّا بخصوص تصرفاتها في منشوراتها: فإن النبي (ﷺ) يقول: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه) [صحيح مسلم]، وهذا الحديث يشير إلى أهمية عدم الانتقاص والظلم، وطالما هي تمارس هذا الظلم عليك، فلا تردي عليها بالمثل، وإنما تجاهلي أمرها إلى أن تترك هذا الأمر من تلقاء نفسها.

6. إذا قررتِ محاولة إصلاح العلاقة، فكوني مرنةً ومتسامحةً، وإذا قررتِ الابتعاد فافعلي ذلك بلطف، ودون إحداث أي مشاكل جديدة.

في النهاية: القرار يعتمد على ما ترينه الأفضل لكِ ولراحتك النفسية، وتذكري دائمًا أن العلاقات الإنسانية تتطلب جُهدًا وتفهمًا، ولكن الأهم هو الحفاظ على صحتكِ النفسية والإيمانية.

وفقك الله، وسدد خطاكِ لما فيه الخير لكِ ولصديقتكِ.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً