الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أرشد زوجتي لضرورة التقيد بالدين في اللباس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي سؤال حول لباس زوجتي في الإسلام؛ فقد عقدت قراني منذ عدة أشهر، وهناك اختلاف بمعايير اللباس المناسب بيني وبين زوجتي، سواء في البيت أمام المحارم، أو في الحفلات أمام النساء، أو في الخارج.

حاولت إقناعها بحدود اللباس الشرعي في الإسلام، مثل: عورة المرأة أمام النساء، وأمام إخوتها ومحارمها، ولكننا لا نتفق ولا نصل إلى حل وسط أو نقطة معينة؛ لأنها تعتبر أنه ليس من حقي كزوج التدخل بلباسها أمام البنات والإخوان وغيرهم، وأنني دقيق جدًا، ولا أدعها تفرح، أو أني أبالغ بغيرتي عليها.

استفساري هو: هل من حقي في الإسلام وأنا زوج التدخل بهذه الأمور؟ وما هي حدود إلزامي لها على اللباس الشرعي، سواء في البيت أمام إخوتها ومحارمها، أو أمام النساء، أو في الخارج؟

وشكرًا، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير، وأن يُصلح لك زوجتك، ويُديم الألفة والمودة بينكما، ونشكر لك -أيها الحبيب- حرصك على القيام بوظيفتك التي كلَّفك الله تعالى بها، وهي القِوامَة على أسرتك، وحفظ زوجتك، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، ‌وَكُلُّكُمْ ‌مَسْؤُولٌ ‌عَنْ ‌رَعِيَّتِهِ، ... وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ، وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".

ننصحك -أيها الحبيب- بأن تتبع الأساليب اللطيفة والطُّرق المحببة لترغيب زوجتك في الخير، وحثِّها على التزام شرع الله تعالى والوقوف عند حدوده، فإن الكلمة الطيبة والأسلوب الحسن لهما في النفس من التأثير، ما يجعل صاحبه يقبله ويمتثل له، ولهذا وصَّى الله تعالى موسى وهارون حينما أرسلهما إلى فرعون فقال: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه: 44]، والكلمة الطيبة مفتاح للقلب، ومع هذا لا بد من الحزم، فزوجتُك تحتاج منك إلى لينٍ يُرغِّبُها، وحزمٍ يمنعها من التجاوز.

نصيحتنا لك: أن تجعل شرع الله تعالى هو الحَكَمُ بينكما والفاصلُ، وألَّا تشعر زوجتُك بأنك تفرض عليها انطباعاتك الخاصة ورغباتك الخاصة وميولك الخاصة؛ فإذا فهمتْ أن هذا هو شرع الله ودينُه وأنها مأمورة به، طاعةً لله تعالى أوَّلًا ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- ثانيًا، وطلبًا للجنّة، وحرصًا على النجاة من النَّار؛ فإن هذه بواعث أكيدة تبعثُها نحو الامتثال والتطبيق.

ثم حاول أن تُوصل لها رسالة أن غَيْرَتك عليها وحرصك على حفظها؛ إنما يبعثُ عليه زيادة حُبِّك لها، وبهذا النوع من الكلام والمحاولة لإيصال الكلام إلى قلبها ستنجح -بإذن الله تعالى- وتصل إلى مقصودك.

أمَّا عن الحدود التي ينبغي أن تلتزمها أمام النساء؛ فالمرأة يجوز لها أن تكشف سائر بدنها أمام النساء المسلمات، إلَّا ما بين السُّرة والرُّكبة.

أمَّا أمام الرجال المحارم؛ فإنه يجوز لها أن تكشف ما تدعو الحاجة إلى كشفه في البيت، من الحركة والخدمة ونحو ذلك، فيجوز لها أن تكشف رقبتها، وأعالي صدرها، ورأسها، وذراعها، وشيء من ساقها ورِجْلِها.

أمَّا أمام الرجال الأجانب خارج البيت أو داخل البيت؛ فإنه يجب عليها أن تستر جميع بدنها، وإنما اختلف العلماء في كشف الوجه والكفين أمام الرجال الأجانب إذا أُمنت الفتنة، أمَّا إذا خُشيت الفتنة فالمذاهب الأربعة متفقة على وجوب تجنُّب أسباب الفتن.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُوفقكم للخير، وأن يُديم صلاح أحوالكم كلِّها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً