الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في توتر وقلق بسبب أخي وتصرفاته اللامسؤولة!

السؤال

السلام عليكم
أرجو أن تكونوا بخير.
سأطرح مشكلتي ومشكلة عائلتي التي باتت تحتاج إلى تدخل خارجي، ومشوار طويل لحلّها.

مشكلتنا تتعلق بأخي الأكبر، الذي يبلغ من العمر ثلاثين عامًا، بدأت مشكلته منذ صغره، حين رافق أصحاب السوء، وبدأ يدخّن، ثم تطوّر الأمر إلى السرقة من الناس، ولاحقًا بدأ في شرب الكحول وتعاطي المخدرات، وهو إلى اليوم مدمن، ولا يستطيع الإقلاع عنها.

تعاملت العائلة مع حالته بطريقة خاطئة في البداية؛ مما زاد من التوتر والضغوط، سواء من جهته أو من جهتنا، وما زالت هذه المعاناة مستمرة حتى الآن.

لقد تعبنا منه، قبل عدة سنوات تاب وأصبح ملتزمًا ومتدينًا، واهتم بطلب العلم، وبدت عليه علامات التغيير الحقيقي، لكنه سرعان ما هرب من المنزل – كما اعتاد – ثم انتكس من جديد، ومنذ ذلك الحين أصبح يعود إلى المنزل من حين لآخر، ويجلب معه أجواء من التوتر والضغط، مثل: كثرة الأكل بشكل مبالغ فيه، والاستفزاز، والثرثرة الفارغة، والنميمة، ورفع الصوت على والدينا، بل وصل الأمر إلى سبّ أمي وشتمها، وغير ذلك من المنكرات.

مراكز الصحة النفسية قد يئست منه وطردته، وهو أصلاً لا يريد العلاج، والشرطة ترفض حبسه أو التعامل مع حالته، فقد أهملت الأمر تمامًا، حاولنا حبسه داخل المنزل، لكنه كان يهرب بطرق مؤذية وخطيرة.

لم يتبقَ شيء إلا وجربناه! وتعبنا أيضًا من خداعه ونصبه وسرقته من الناس، والسمعة السيئة التي لحقت بنا بسببه.

ماذا نفعل؟ هل لديكم حل؟ وإن لم يكن هناك حل نهائي وبقي على حاله، فدلّوني كيف أتكيف مع الوضع وأتعامل معه؟ فأنا نفسي أعاني من قلق نفسي، وسبق أن عانيت من الوسواس، وأنا الآن في طريقي للعلاج، كما أنني سريعة التوتر والانفعال.

ساعدونا، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- مجددًا عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك أولًا بهذا السؤال، ثانيًا على الاهتمام بأخيك هذا.

أختي الفاضلة، دعيني أقول: إن علاج هذا الأخ الذي سار على هذا الطريق ليس من مسؤولياتك أنت، فأنت ما زلت في التاسعة عشرة من العمر، فأرجو ألَّا تحمّلي نفسك فوق طاقتك، فعلاجُه يكون من الوالدين والأسرة ومراكز الصحة النفسية، وأحيانًا -أختي الفاضلة- على القانون أن يتدخّل، فالحد الفاصل بين الجانب القانوني والجانب الصحي أحيانًا حدّ فاصل.

إنَّ الإنسان عندما يسلك طريقًا مُعيَّنًا يجب أن يدفع ثمن هذا الطريق، وأنت لست مسؤولة عن هذا، فهو راشدٌ في الثلاثين من عمره، فعليه أن يتحمّل تبعات نفسه.

لا شك أن التعاطي والإدمان على المخدرات أمرٌ خطير، ولكن -كما هو واضحٌ من سؤالك- أن الكثيرين حاولوا مساعدته، إلَّا أنه يتهرَّب من هذا العلاج، فأريد أوَّلًا -وهذا هو همّي الآن- أن تُخففي عنك، فأنت ما زلت في التاسعة عشرة من العمر، ولا شك أن نمط حياة أخيك قد أثّر عليك -كما هو وارد في السؤال- ولكن أريدك أن تنفضي عن كاهليك هذه المسؤولية وهذا العبء، فالله تعالى يقول: {ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به}.

موضوع أخيك فوق طاقتك، بل هو ليس من مسؤوليتك، لذلك -كما طلبتِ في آخر السؤال- أنه كيف تتكيفين مع الوضع؟ فأقول:

أولًا: تذكري أن أخاك ليس مسؤوليتك أنت، وأنت لك حياتك الخاصة، نعم إن استقام وصلح -كما حصل معه في الماضي- فنِعمَّ بها، فأهلًا وسهلًا، وإلَّا له حياته، وعليه أن يُواجه تبعات نمط هذه الحياة.

ثانيًا: اهتمّي بدراستك وبحياتك وتنمية شخصيتك؛ لتخففي القلق والوسواس الذي تعاني منه بسبب كل هذه الأوضاع، ومن المعروف أنه إذا كان في الأسرة فردٌ واحدٌ مدمنٌ فإن الأسرة كلها تُعاني معاناةً شديدة.

ثالثًا: حاولي أن تُفضفضي وتتحدّثي مع مَن تثقين به، سواء كانت معلّمة، أو صديقة حكيمة، بحيث أنك تجدين متنفَّسًا للحديث عن آلامك وما يُتعبك.

أدعو الله تعالى أولًا لك بتمام الراحة والصحة والعافية والنجاح والتفوق، وثانيًا لأخيك بأن يهدي الله تعالى إلى الصراط المستقيم، كما اهتدى في الماضي، ويتخلّص من هذا الإدمان ونمط الحياة هذه.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً