كيف أقوي من شخصيتي، والدفاع عن نفسي؟
2025-04-23 00:56:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
الموضوع يكبر ويزداد، أشعر أني ضعيفة وجبانة في المدرسة الثانوية أو المراكز التعليمية، دائماً يوجد معلم أو مساعد معلم سيء الخلق، غبي في التعامل، يمكن أن يسب أو يجرح أو يهين أيٍاً منا، وأنا عزيزة النفس لا أقبل بهذا الأمر، وفي الوقت ذاته ضعيفة، غالباً لا أرد، فيكبر الموضوع في قلبي ويصيبني بالحزن، وعندما بدأت أتعلم في السياسة وأتفقه، عرفت أن هناك على الأرض جبابرة ظلمة، يمكن أن يضرب شخصاً بدون سبب، لأنه ظالم، وهذا يحدث بالطبع كثيراً، وليس بعيداً عنا.
أصبحت أتخيل أحبائي أو نفسي في مثل هذا الموقف، وأحزن عليهم، ويمكن أن أبكي، عندما أتخيل موقفًا في بالي، مضحكاً أو ظريفاً، سرعان ما أتذكر شيئًا سيئاً، يأتي ويعكر علي، فأتكدر.
علماً بأني لا أضيع وقتي، ولست فارغة العقل، أو القلب، أنا أقضي يومي في الاطلاع على الكتب المفيدة، والمذاكرة والصلاة، وحفظ القرآن، وآخذ قسطاً من الراحة، ولكن هذه الأفكار تأتيني أكثر عند النوم، أحاول النوم وأنا مجهدة، حتى لا أفكر، لكني أبذل جهداً لأوقفها، لا أحب الضعف، ولا أقبل الإهانة وأخاف من الرد؛ لأنني أيضاً مصابة بالتلعثم.
كذلك أريد منكم المشورة كأنكم آبائي، فأنا -بفضل الله- متفوقة دراسياً، وأحصل على درجات عالية في جميع المواد، ولكن المفضلة لدي الرياضيات، والفيزياء، لذلك أفكر في كلية الهندسة، ولكن أمي وأبي سيحزنون عندما أقول هذا، هم لا يريدون الهندسة؛ لأن العمل فيها قليل جداً، ومن يعمل يكون رجلاً، أو معه واسطة، فمن وجهه نظر الشرع، هل الهندسة تناسب فتاة يمكن أن تكون أمًا في المستقبل، ومسؤولة عن بيت؟ أم أن الطب والصيدلة هما الأنسب؟
أريد المساعدة جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في استشارات إسلام ويب.
لديك منظومة عالية جداً من قيم الفضيلة، ومن الواضح أن هذه المنظومة القيمية الراقية والعالية، تتصادم مع الواقع المجتمعي، وأتفق معك تماماً، أننا نعيش الآن في مجتمعات فيها الكثير من الخلل، وأطمئنك تماماً فالإنسان حين يفهم الأمور بواقعية، وينزل تفكيره إلى هذا الواقع -إن شاء الله تعالى- سيكون بخير، لا أقول لك تنازلي تماماً عن منظومة القيم التي تسيطر عليك، لكن أقول لك: يجب أن تسعي لتقبل الناس كما هم، لا كما تريدين، هذا أمر مهم جداً، وهذا ليس فيه تنازل، وليس فيه استسلام، وليس فيه استكانة أبداً، هذه هي الطريقة الوحيدة التي سوف تريحك.
كوني شعلة من الحيوية من خلال سلوكك الرفيع الراقي، الأفكار الجيدة الممتازة، هذه قطعاً سوف تؤثر فيمن حولك، وإن أصلحت إنساناً واحداً في هذه الدنيا، فهذا ربما يكون خيراً لك من أشياء كثيرة جداً، إذاً حتى نقلل الهوة بين منظومتك القيمية، والواقع المجتمعي، نقول لك: عليك بإدراك أنه ليس من مهمتك تغيير العالم أبداً، نعم نساهم بما نستطيع، وما لا نستطيع أن نغيره بأيدينا أو بألسنتنا، نغيره بقلوبنا من خلال رفضه، هذا في حد ذاته يكفي تماماً.
اجتهدي أيتها الفاضلة الكريمة في دراستك، نظمي وقتك، لا تسهري كثيراً، مارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، هذا -إن شاء الله تعالى- يوجه طاقتك المشحونة توجيهاً أفضل، وتحسين براحة نفسية أكبر، وإن استطعت الانخراط في أي عمل خيري، أو جمعية ثقافية، أو الالتحاق بمركز من مراكز تحفيظ القرآن، فهذا أيضاً فيه خير كثير لك، وأرجو أن لا تكون الامتحانات عائقاً لذلك، والإنسان يمكن أن يوفق بين كل هذه الأشياء، إذا أحسن إدارة وقته.
بالنسبة للاختيار الاكاديمي -أيتها الفاضلة الكريمة- أنا أؤمن بمبدأ تطبيق حروف كلمة (رفق)، فالراء تشير إلى الرغبة، والفاء تشير إلى الفرصة، والقاف تشير إلى القدرة، ويجب أن نوازن، فإن شاء الله أنت لديك الرغبة في الهندسة، ولديك الفرصة، ولديك القدرة، فليس هنالك ما يمنع أن تدرسي الهندسة، ربما تكون فرصة العمل أقل بالفعل بالنسبة للفتاة، لكن الإنسان يمكن أن يتميز، يمكن أن تسلكي الخط الأكاديمي، فتكونين أستاذة جامعية مثلاً في أحدى كليات الهندسة وهكذا، والفرص في الطب أكثر وأفضل بالنسبة للفتاة، التخصص في طب الأطفال، التخصص في طب النساء وهكذا، والصيدلة قطعاً الإناث أفضل أداءً فيها من الذكور، وكله خير إن شاء الله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.