الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام نفقة الأولاد المحبوس والدهم

السؤال

صديقي تم اعتقاله ظلمًا، وله زوجة وطفلان، أحدهما في العاشرة من عمره، والآخر في السابعة. فمن الذي تجب عليه نفقة الزوجة وأبنائها؟ علمًا بأن الزوجة تتلقى مبلغًا بسيطًا من أهل الزوج كمساعدة لها في إدارة شؤون البيت. -مع العلم أن والد الزوج معتقل أيضًا-.
أود معرفة الحكم الشرعي في هذه المسألة، خاصة أن الزوجة تختلق المشاكل بين فترة وأخرى بسبب هذا الأمر، وتطالب بسيارة للتنقل، مع أن الزوج لا يعارض تنقلها بالمواصلات الخاصة إن كان في ذلك راحتها. لكنها تصرّ على أن من واجبه أن يوفر لها أكثر من ذلك، رغم علمها بأنه مكبّل اليد، ومظلوم كما سبق. فما هو مقدار النفقة الواجبة شرعًا؟ وما نوعها؟ وهل يجب على الزوجة أن تعمل في مثل هذه الحالة؟ مع العلم أنها كانت تعمل معلمة سابقًا، لكنها توقفت عن العمل لتربية الأولاد؛ ولأن ظروف المنزل لا تناسب العمل حاليًا.
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله -عزَّ وجلَّ- أن ييسر أمر صديقك وأبيه، وأن يجعل لهما من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن كل بلاء عافية.

أمَّا عن جواب السؤال فنقول: إن هذه المسألة مما ينبغي مشافهة أهل العلم فيها، أو الرجوع للمحاكم الشرعية عند حصول النزاع بين أطرافها، وذلك لما في تفاصيلها مما يحتاج إلى استيضاح، ولما في بعض جزئياتها من الخلاف؛ كما سترى.

وعل كل حال؛ فإن نفقة الزوجة والأولاد مقدّرة بالكفاية، والمعتبر في نفقة الزوجة حال الزوجين في اليسار وعدمه على الراجح. ويمكن مطالعة الفتويين: 113285، 105673.

ولا يجب على الزوج ما زاد على ذلك، ولا يلزمه أن يشتري لزوجته سيارة.

والأصل وجوب نفقة الأولاد على والدهم إن كان له مال، فإن لم يكن له مال، فإن نفقتهم تجب على أمهم إن كانت موسرة، على خلاف بين الفقهاء هل لها أن ترجع بها على الأب إن أيسر أو لا؟. فذهب بعض أهل العلم إلى أنها لا ترجع إذا أنفقت حال إعسار الأب إذا أيسر؛ لأنّ نفقة الأقارب من باب المواساة والصلة، وبإعسار الأب سقط عنه وجوب الإنفاق. وذهب بعضهم إلى أنها ترجع عليه؛ لأنه دين لزمه، وإنما قامت به عنه الأم حتى يوسر، والمسألة اجتهادية والخلاف فيها سائغ، والمرجع للقضاء إذا حصل نزاع، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى: 161647.

فإن لم تكن الأم موسرة تجب نفقتهم على الأقارب الوارثين، وقد ذكر أهل العلم شروطًا لوجوب نفقة الأقارب، سبق بيانها في الفتويين: 124760، 121134.

ومن هذه الشروط أن يكون فقيرًا، وأن يكون من تجب عليه النفقة له مال فاضل عن نفقته ونفقة من يعول، وأن يكون المنفق وارثًا.

وإن كانت الزوجة لها مال، فإنها تنفق منه على نفسها، وإذا أنفقت على نفسها فهل ترجع بذلك على زوجها إذا أيسر أو لا؟ فمن الفقهاء من ذهب إلى أنها لا ترجع على زوجها بما أنفقت على نفسها، ومنهم من ذهب إلى أن لها الرجوع، واستثنى بعضهم المسكن فذهب إلى عدم الرجوع به عليه، وقد رحّجنا أنها ترجع عليه بما أنفقت على نفسها؛ كما في الفتوى: 39315.

ولا يجب على المرأة أن تعمل إلا إذا احتاجت لذلك، بحيث لم تجد من ينفق عليها؛ كما هو مبين في الفتوى: 498610.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني