السؤال
كنت أمتلك سيارة في أول زواجي سنة 2016، ثم تزوجت، وكانت نيتي أن أبيعها وأشتري سيارة جديدة بالتقسيط.
وفي عام 2019، توفي والد زوجتي، وورثت زوجتي مبلغًا من المال عنه. ثم جاءت زوجتي في سنة 2021، وقالت لي: "تعال نبيع السيارة القديمة، ونشتري سيارة جديدة نقدًا بدلًا من الدخول في أقساط، وخذ ثمن السيارة، الذي هو 317 ألف جنيه، وعندما يُيسر الله أمورك، رده لي في أي وقت"، فقلت لها حينها: "ربنا ييسرها إن شاء الله".
وبالفعل، اشترينا السيارة، وتكفلت بكل مصاريفها وصيانتها، وما زلت محافظًا على حالتها حتى الآن، وذلك بنيّة أنني أمتلكها وأنني ملزم بكل ما يخصها.
لكن للأسف، حدثت بعض المشاكل الأسرية بيني وبين زوجتي. وخلال هذه الفترة، كانت زوجتي تسرد كل معروف تصنعه معي، وتمنّ به عليّ في كل خلاف بيننا، حتى وصل بها الأمر إلى أن تأخذ مني مفاتيح السيارة، وتمنعني من ركوبها، كنوع من العقاب والمنّ، بحجة أنها هي التي دفعت ثمن السيارة، وأنني لم أردّ لها المبلغ حتى الآن.
وللأسف، شعرت بالندم الكامل؛ لأنني بعت السيارة القديمة واشتريت سيارة جديدة بدَين من زوجتي.
وبسبب هذه المشكلات، قررت أن أنهي موضوع السيارة، لكن زوجتي أنكرت أن النقود التي دفعتها كانت قرضًا لي، وأصبحت تطالب الآن بكتابة السيارة باسمها، وتقول: "لو كنت استثمرت النقود في الذهب (317 ألفًا) سنة 2021، فإنه يكون لدي الآن مليونان من الجنيهات".
كيف نحل هذه المشكلة؟ مع العلم أن السيارة حاليًا تساوي مليون جنيه، وهي كانت قد دفعت 317 ألف جنيه فقط.
وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفصل في مسائل النزاع والخصومات المالية، مَرَدُّهُ إلى المحاكم الشرعية، أو من ينوب منابها؛ وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأمَّا المفتي؛ فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء؛ ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.
والذي يمكن أن نفيد به السائل إجمالا أن: الأصل الذي عليه جمهور الفقهاء في الدّين أنه يقضى بمثله لا بقيمته، ولا يصح ربطه بمستوى الأسعار، أو بمعدل التضخم، وراجع في ذلك الفتويين: 20224، 99163.
ولكن إذا انخفضت قيمة العملة بشكل كبير ومجحف، فقد اختلف أهل العلم في تأثير ذلك على أداء الحقوق المالية، وهل تُقضَى بمثلها أم تراعى قيمتها؟ والراجح عندنا هو اعتبار قيمة العملة إذا حدث غبنٌ فاحش، أو انهيار للعملة، يتحقق به ضرر معتبر على صاحب الحق، وراجع في تفصيل ذلك، وكيفية حسابه الفتويين: 348040، 466858.
وننبه هنا على أن المبلغ الذي اشترى به السائل السيارة الجديدة إن كان أخذه على سبيل القرض من زوجته -كما هو ظاهر السؤال-؛ فإنه مضمون عليه، بغضّ النظر عن حال السيارة، فلو تلفت السيارة أو هلكت، فهو مضمون عليه لزوجته كاملاً، وإن سلمت السيارة، وارتفع سعرها، فهي له، فالغنم بالغرم.
وأمّا إن وضعت الزوجة مالها في السيارة على أنها ملكها هي، فضمانها عليها، فإن تلفت أو هلكت فعليها، وإن سلمت وغلت فلها هي. وانظر للفائدة الفتوى: 437605.
والله أعلم.