الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحمي نفسي من صور مسيئة مفبركة ينشرها صديق سابق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي صديق أعرفه منذ حوالي 7 سنوات، كانت صداقتنا عادية حتى عرض عليّ الزواج بأخته، من باب الأدب وتقديرًا لصداقتنا، فلم أرفض طلبه بشكل مباشر، ولكني لم أُعِر الموضوع اهتمامًا، ثم فوجئت به بعد فترة يفتح الموضوع ثانيةً، ولم أُبْدِ اهتمامًا لعلَّه يفهم أنني لا أرغب في الزواج من أخته.

ثم خَطَبْتُ فتاةً ولم أُعْلِمْهُ بذلك، وتفاجأت بأن الفتاة بعد فترة أعلنت عدم رغبتها في إكمال الخطبة، وفي خطبتي الثانية صارحتني بأنها وصلها كلام وصور من حساب فيسبوك مزيف تزعم بأني زانٍ -والعياذ بالله- وأني لست أهلًا للثقة، ولا أصلح زوجًا.

نعم كنتُ على ضلالة في الماضي، ولا أنكر ذلك، ولكنني لم أزنِ، وعلاقاتي كانت مقتصرة على التواصل الاجتماعي.

تبين لي بعد ذلك أن هذا الشخص الذي كنت أحسبه صديقًا هو من يلفق لي الأكاذيب سعيًا للزواج بأخته، وبعدما اطلعتُ على ما ينشره من صور وبما يفتري به عليَّ، واجهته، فأنكر قائلًا: "انظر إلى هاتفي، ليس لدي شيء".

والآن قطعتُ علاقتي به، ولكني وجدتُ أنه ينشر صوري على التواصل الاجتماعي ويكرر نفس الادعاءات، وأبلغتُ إخوتي وأصدقائي بهذا الأمر.

دعوتُ الله أن يكفّ شره عني، ولكني أخشى أن يلجأ إلى السحر أو أعمال مشابهة، خصوصًا أنه يعرف عني الكثير ولديه صور لي.

ما العمل -أثابكم الله-؟ وما نصيحتكم لي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنَّا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

إننا نفترض -أخي الكريم- أنك بنيت أحكامك على صاحبك عن طريق القطع، وليس عن طريق الظن وإن كان غالبًا؛ لأن دائرة الحكم على الناس بمثل ما ذكرت لابد فيه من اعتراف أو دليل لا يقبل الظن، ولا يخفاك أن عالم الشبكة العنكبوتية وما يحمله من برامج مختلفة، وما يعرف بـ"الفوتوشوب"، و"الهاكرز" كل هذه قد تجعلك تظن في الناس ما ليس فيهم.

لذا عليك ابتداءً أن تسأل نفسك: هل ما ذكرته من معايب في صاحبي كانت على طريق القطع أم الظن؟ فإن كانت على طريق الظن؛ فالواجب عليك عدم الاتهام مع أخذ الحيطة والحذر، وإن كان على سبيل اليقين وأنت قاطعته، وتخاف أن يسحرك، فإليك ما يلي:

أولاً: اعلم -بارك الله فيك- أن الجنَّ والساحرَ والسِّحرَ، والعينَ والعائنَ، والحسدَ والحاسدَ، كل هؤلاء مجتمعون لا يملكون من أمرهم شيئًا، لا يقدرون أن يفعلوا ما لم يأذن به الله، فالساحر وأعوانه من الجن أضعف مما تتصور أو تتخيل، وقد أخبرنا الله -عز وجل- أنه ليس للجن سلطان على المؤمنين، لكن المشكلة تكمن في تضخيم البعض أمرهم وتعظيمهم لقدراتهم؛ فتضعف نفوسهم ويقوى الشيطان عليهم، وهذا منشأ الخلل.

الله يقول في كتابه: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ۖ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [إبراهيم: 22].  

انتبه لقوله: ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ﴾، واستحضر قول الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ساعتها تدرك أن التضخيم في غير محله، وأن العبد المتصل بالله المتحصن بالذكر لا يقدر الشيطان ولا أعوانه جميعًا على إلحاق أدنى ضرر به.

ثانيًا: عليك بتحصين نفسك وبيتك بالأذكار الصباحية والمسائية، وقراءة سورة البقرة كل ليلة، أو الاستماع لها، وأذكار النوم والوضوء قبل النوم مع قراءة آية الكرسي، هذا حصن حصين لا يقدر السحرة وأعوانهم وآباؤهم وأجدادهم ومن في الأرض جميعًا أن يمسوك بسوء، وأنت بالله متحصن.

ثالثًا: لا تظهر له عداوتك، ولا تجعل العلاقة معه تصل إلى مرحلة العداء، ليس خوفًا منه لأجل السحر، ولكن حتى لا يتعرض لك بسوء آخر.

رابعًا: احرص على قراءة سورة البقرة كل ليلة، أو الاستماع إليها، فإنها حصن المسلم من كل آفة.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً