الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفضتني الفتاة لكنها ما زالت تراسلني للسؤال عني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب في كلية الطب، عندما كنت في المرحلة الأولى وكنت أدرس في بلد آخر، أحببت فتاة كانت معي في الدراسة، أحببتها بمشاعر صادقة، علمًا أنها من نفس جنسيتي ولكن من محافظة أخرى، وقررت أن أعترف لها بمشاعري لأرى هل تبادلني نفس الشعور لكي أتقدم لخطبتها عندما أعود إلى بلدي، وأخبرت والدتي عنها وعن مشاعري تجاه هذه الفتاة، وذلك تمهيدًا لخطبتها.

ولكن هذه الفتاة رفضتني لأسباب منها: اهتمامها بدراستها، وعدم تفكيرها بالزواج، فحزنت جدًّا، وحاولت أن أنساها، لكنها بقيت في عقلي وفي قلبي، والآن نحن في المرحلة الرابعة وما زالت في قلبي وأنا متعلق بها بشدة، وأراها دائمًا في أحلامي، وهي بين الحين والآخر تراسلني لتسأل عن أخباري.

أرجو منكم أن تساعدوني، وشكرًا جزيلاً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب.

اعلم أخي -وفقك الله- أن العلاقات العاطفية قبل الزواج ممَّا نهى عنه الشرع؛ لأنها قد تؤدي إلى الكثير من المحرمات، وتجاوز الحدود، وكل ذلك يأتي حفاظاً على الأعراض، ومنعًا للانجرار وراء مزالق الشيطان وخطواته، فالتعلق العاطفي الذي وقعت فيه ما هو إلَّا نتيجة لمتابعة هوى النفس، والانقياد لخطوات الشيطان، إذ يبدأ هذا التعلق من إطلاق البصر في ما حرم الله تعالى، ليبدأ القلب في التمني والتفكير في المنظور إليه؛ لذلك كان من الأفضل لك والأسلم لقلبك، بمجرد معرفتك لدين وأخلاق هذه الفتاة، أن تبادر إلى خطبتها، حيث يمكن أن يتم التعارف والنظرة الشرعية وفق ضوابط الشرع بعد الخطبة.

ويجب أن تعلم أن الخطبة لا تعني الزواج أو الارتباط الكامل، وإنما هي وعد بالزواج غير ملزم لأي طرف، فهي فترة للتعارف وفهم كل طرف للآخر وفق ضوابط وحدود، فإن حصل القبول يتم الزواج، وإن لم يحدث يمكنك معرفة الفرق والبحث عن غيرها.

لذا عليك أخي الكريم أولاً: التوبة من الدخول في هذه العلاقة العاطفية، وما قد تضمنته من مراسلات وتجاوزات قبل الزواج، ثم احرص على أن تكون مواصفات من ترافقك في حياتك وبناء أسرتك وفق ما أرشد إليه النبي ﷺ في قوله: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِدِينِهَا؛ فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) فاجعل الدين والأخلاق هما المعيار الأول قبل أي شيء آخر؛ فهما أساس الأسرة والاستقرار بعد الزواج، ولا بأس بأي صفات أخرى بعدها.

أخي الكريم: قبل أن تُبادر إلى خطبة أي فتاة، لا بد أن تدرس مشروع الزواج من جميع النواحي، وتعرف قدرتك على تحمل المسؤولية، فالزواج ليس مجرد عاطفة وإعجاب فقط، بل يحتاج إلى استعداد نفسي وشعور بالمسؤولية وتحمل الأعباء حتى تحقق السعادة والاستقرار بعد ذلك.

كما ننصحك بأن تنظر إلى الأمور بواقعية بعيداً عن تفرد العاطفة؛ حتى لا تُصاب بصدمة قد تؤدي إلى اكتئاب، أو اضطراب نفسي لفترة طويلة.

وحتى تحقق هذا التوازن عليك بالاستخارة، فالاستخارة هي أن تطلب الله أن يختار لك الخير بعلمه وقدرته، فهو صاحب العلم المطلق والقدرة على كل شيء، فما يختاره الله لك هو خير كله، والإيمان بهذا يحقق لك الرضا والتسليم عند مواجهة أي عائق، أو فوات ما تريد، فلا تُصاب بصدمة أو تعلق قلبي أو ندم أو حسرة، قال تعالى: {وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].

أخيراً: أخي الكريم، اجعل تأسيس حياتك الزوجية على أساس رضا الله تعالى، وتأكد أن رفضك لا يعني نهاية السعادة، ولكن لا تعلم قد يكون الله يريد لك خيراً أعظم مما تتمنى وتريد، فعلق قلبك بالله واستعن به، واجعل رضاه نصب عينيك دائماً.

وفقك الله ويسّر أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً